نسوقُ بعضًا مما أخبَر عنه صلى الله عليه وسلم إلى من أَمِنوا مكرَ الله، فاستحلُّوا الرِّبا والمحارم، وتهاونوا بها وتمادوا في ارتكاب الفواحشِ وإضاعة الواجبات، عسى أن يعودوا إلى رشدِهم ويتوبوا إلى ربِّهم قبل أن تقولَ نفسٌ: يا حسرتا على ما فرَّطْتُ في جنب الله، وعسى أن يستيقظَ حُكَّام المسلمين، وكثيرٌ من علمائهم؛ فيستغفروا ربَّهم عمَّا أسلفوا من التقصيرِ والتفريط، وإيثار الدنيا وزهرتها على الآخرة، ويبدؤوا حياةً جديدة، يُجدِّدون فيها إيمانَهم بالله، فيحكِّمون كتابَه وسنةَ نبيه صلى الله عليه وسلم في شتَّى المجالات، ويمنعون الرِّبا، ويأمرون بالمعروف، ويَنهَوْن عن المنكرِ، ويأخذون على أيدي السفهاءِ؛ إذ لا سبيل إلى نجاتهم في الدنيا والآخرة إلا بذلك؛
وروى البخاريُّ في صحيحه عن أبي مالكٍ أنه سَمِع النبيَّ صل الله عليه وسلم يقول: ((ليكونَنَّ من أمتي أقوامٌ يستحلِّون الحِرَ، والحريرَ، والخمرَ، والمعازفَ، ولينزلَنَّ أقوامٌ جَنْبَ عَلَمٍ، يروح عليهم بسارِحةٍ لهم يأتيهم بحاجة فيقولوا: ارجع إلينا، فيُبيِّتهم الله، ويضعُ العلمَ، ويمسخُهم قِردةً وخنازير إلى يوم القيامة)).
وأخرج ابنُ ماجه عن أبي مالكٍ الأشعريِّ قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((ليشربَنَّ ناسٌ من أمتي الخمرَ يسمُّونها بغيرِ اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازفِ والمغنيات، يَخسف اللهُ بهم الأرضَ، ويجعل منهم قردةً وخنازير)).
وقال صل الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، انهُوا نساءَكم عن لُبْسِ الزِّينةِ، والتَّبخْتُرِ في المسجدِ؛ فإنَّ بني إسرائيل لم يُلعَنوا حتى لَبِسَتْ نساؤهم الزينةَ، وتَبختَرْنَ في المساجدِ)) رواه ابن ماجه.
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه في حديثٍ طويلٍ قال: قال رسولُ اللهِ صل الله عليه وسلم: ((صِنفانِ من أهلِ النَّارِ لم أرَهما: قومٌ معهم سِياطٌ كأذنابِ البقرِ، يضربون بها الناسَ، ونساءٌ كاسياتٌ عاريات مائلات ممِيلاتٌ، رؤوسهُنَّ كأَسْنمةِ البُخْتِ، لا يَدخُلْنَ الجنَّة، ولا يَرُحْنَ ريحَها، وإن ريحَها ليُوجَدُ من مسيرةِ كذا وكذا)) أخرجه مسلم وقال صل الله عليه وسلم: ((ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطانُ ثالثَهما)
وفي حديث رواه البخاريُّ عن حذيفةَ قال: قلتُ: فهل بعدَ ذلك الخيرِ من شرٍّ؟ قال النبيُّ صل الله عليه وسلم: ((نعم، دعاةٌ على أبوابِ جهنَّم، مَن أجابَهم قذَفُوه فيها))، قلت: يا رسولَ اللهِ، صِفْهم لنا، قال: ((هم مِن جلدتِنا، ويتكلَّمون بألسنتِنا))، قلتُ: فما تأمرُني إن أدرَكَني ذلك؟ قال: ((تَلزَمُ جماعةَ المسلمين وإمامَهم))، قلتُ: فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمام؟ قال: ((فاعتَزِلْ تلك الفرقَ كلَّها، ولو أن تَعَضَّ بأصلِ شجرةٍ حتى يُدرِكَك الموتُ وأنت على ذلك))، وروى البرقانيُّ في صحيحِه زيادةً على ما رواه مسلم عن ثوبانَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما أخافُ على أمتي الأئمةَ المُضلِّين، وإذا وقَع عليهم السيفُ، لم يُرفَعْ إلى يومِ القيامةِ، ولا تقومُ الساعةُ حتى تَعبُدَ فئامٌ من أمتي الأوثانَ، وأنَّه سيكونُ في أمتي كذَّابون ثلاثون، كلُّهم يزعم أنَّه نبيٌّ، وأنا خاتمُ النَّبِيِّين لا نبيَّ بعدي، ولا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي على الحقِّ منصورةً، لا يضرُّهم مَن خَذَلهم، ولا مَن خالَفَهم حتى يأتيَ أمرُ الله تبارك وتعالى)).
أسأل اللهَ العليَّ القديرَ أن يَهديَنا جميعًا صراطَه المستقيمَ، وأن يهديَ ولاةَ المسلمين، ويرزقَهم البطانةَ الصالحةَ التي تحثُّهم على التمسُّك بالكتاب والسُّنَّةِ، وأن يُبعِدَ عنهم بطانةَ السوءِ التي تُزيِّنُ لهم أعمالَ الكَفَرةِ باسم التطوُّر الزائفِ، واللهُ حسبُنا ونِعمَ الوكيلُ، وصلى الله على خيرِ خلقِه؛ نبيِّنا محمدٍ وآله وسلَّم تسليمًا كثيرًا.