كثيرا ما نتغنى بقيمة التسامح ونحث العالم على التخلق به في شتى الأمور
فيثا ترى متى بدأ التسامح ؟
هذا موضوع تكلم فيه الشيخ محمد حسان حفظه الله في خطبة مسجلة على الإنترنت فضل الله وبين أمورا غاية في الجمال فتعالوا بنا نعيش معها بإذن الله
لقد عرف العالم التسامح لما عرف الإسلام فقد بدأ التسامح مع الإسلام .
نعم فدعونا نقرر حقيقة لا شك فيها وهي أننا مهما حرصنا على الاتفاق فلابد من نقاط اختلاف يننا .
وهذا طبيعي في ضوء اختلاف بين آدم في الطباع والأجناس وغيرها .
قال تعالى
(( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ))
لكن في ضوء هذا الاختلاف يعلمنا الإسلام كيف التعامل مع من نخالفه
فانظر لقول الله في سورة الفاتحة ::
(( الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))
فلم يقل رب المسلمين أو رب المؤمنين بل قال ( العالمين ) يعني المؤمن والكافر والطائع والعاصي فهو سبحانه رب الكل .
إذن فهو ربهم يراهم ويعلم حالهم ولا يخفى عليه معاصيهم ومع هذا يحلم عليهم ويعفو عنهم ويغفر لهم ويتوب على من تاب منهم .
وانظر لقمة العدل حين لم يحرم ربنا سائر من آمن به من الأمم السابقة من الأجر كما لم يحرم منه المؤمنين من أمة النبي صلى الله عليه وسلم
فاسمعوا قول الله تعالى :::
(( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ))
نعم فقد كفل الله هذا الثواب العظيم للمؤمنين من أمة النبي صلى الله عليه وسلم ولمن آمن من اليهود بالتوراة غير الحرفة وكذلك لمن آمن من النصارى بالإنجيل غير المحرف
وكذلك للصابئين
والصابئين ككلمة كان يطلقها العرب على من غير دينه
وقال شيخ الإسلام أن الصابئين على قسمين :
1 حنفاء :
يعبدون الله على ملة إبراهيم عليه السلام .
وهؤلاء هم من ألحقهم ربنا بالمؤنين في الآية التي معنا .
2 كفار:
وهم من ألحقهم ربنا بالمجوس والمشركين في آية أخرى .
فانظروا لعدل الإسلام الذي ساوى بين المؤمنين السابقين واللاحقين فلم يحرم أحدا .
وأخير فإن هذه الآية لا تتعارض مطلقا مع قوله تعالى :
(( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ))
فإنالآية الأولى تتحدث عن من آمن بالله حق الغيمان من الامم السابقة ولم يحرف .
بينما الآية الأخرى تتكلم عن صنف آخر لم يؤمن فشتان بين هذا وذاك .
وفي النهاية :
فإن كان هذا عدل الله مع الخلق كافة أفلا نتعلم نحن التسامح والعدل مع من نختلف معه في امور ربما يمكن جدا بإذن الله التعايش معها بلا فرقة !!
وتحضر هنا لمحة لطيفة لسيدنا أبي الدرداء رضي الله عنه لما جاءه رجل يسبه بأبشع السباب
فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه :
( لا تفرط في سبنا (يعني لا تسرف ) ودع للصلح موضعا فإنا لا نستطيع أن نكافئ من عصا الله فينا إلا أن نطيع الله فيه )
فيا كل من استباح عرض وسيرة من يخالفهم هلا تمعنت لتتعلم كيف يكون التسامح ؟